نهج البردة
أحمد شوقي
- مصر
ريـمٌ عـلى
القـاعِ بيـن البـانِ والعلَمِ
|
أَحَـلّ سـفْكَ
دمـي فـي الأَشهر الحُرُمِ
|
رمـى القضـاءُ
بعيْنـي جُـؤذَر أَسدًا
|
يـا سـاكنَ
القـاعِ، أَدرِكْ ساكن الأَجمِ
|
لمــا رَنــا
حــدّثتني النفسُ قائلـةً
|
يـا وَيْـحَ
جنبِكَ، بالسهم المُصيب رُمِي
|
جحدته، وكـتمت
السـهمَ فـي كبدي
|
جُـرْحُ الأَحبـة
عنـدي غـيرُ ذي أَلـمِ
|
رزقـتَ أَسـمح مـا
في الناس من خُلق
|
إِذا رُزقـتَ
التمـاس العـذْر فـي الشِّيَمِ
|
يـا لائـمي في
هواه - والهوى قدَرٌ -
|
لـو شـفَّك
الوجـدُ لـم تَعـذِل ولم تلُمِِ
|
لقــد أَنلْتُــك
أُذْنًــا غـير واعيـةٍ
|
ورُبَّ منتصـتٍ
والقلـبُ فـي صَمـمِ
|
يـا نـاعس
الطَّرْفِ; لاذقْتَ الهوى أَبدًا
|
أَسـهرْتَ مُضنـاك
في حفظِ الهوى، فنمِ
|
أَفْـديك إِلفً،
ولا آلـو الخيـالَ فِـدًى
|
أَغـراك بـالبخلِ
مَـن أَغـراه بـالكرمِ
|
سـرَى، فصـادف
جُرحًـا داميً، فأَسَا
|
ورُبَّ فضــلٍ
عـلى العشـاقِ للحُـلُمِ
|
مَــن المـوائسُ
بانًـا بـالرُّبى وقَنًـا
|
اللاعبـاتُ
برُوحـي، السـافحات دمِي؟
|
الســافِراتُ
كأَمثـالِ البُـدُور ضُحًـى
|
يُغِـرْنَ شـمسَ
الضُّحى بالحَلْي والعِصَمِ
|
القــاتلاتُ
بأَجفــانٍ بهــا سَــقَمٌ
|
وللمنيــةِ
أَســبابٌ مــن السّــقَمِ
|
العــاثراتُ
بأَلبــابِ الرجـال، ومـا
|
أُقِلـنَ مـن
عـثراتِ الـدَّلِّ في الرَّسمِ
|
المضرمـاتُ
خُـدودً، أسـفرت، وَجَلتْ
|
عــن فِتنـة،
تُسـلِمُ الأَكبـادَ للضـرَمِ
|
الحــاملاتُ
لــواءَ الحسـنِ مختلفًـا
|
أَشــكالُه، وهـو
فـردٌ غـير منقسِـمِ
|
مـن كـلِّ بيضـاءَ
أَو سـمراءَ زُيِّنتا
|
للعيـنِ،
والحُسـنُ فـي الآرامِ كالعُصُمِ
|
يُـرَعْنَ للبصـرِ
السـامي، ومن عجبٍ
|
إِذا أَشَــرن
أَســرن الليـثَ بـالعَنمِ
|
وضعـتُ خـدِّي،
وقسَّـمتُ الفؤادَ ربًى
|
يَـرتَعنَ فـي
كُـنُسٍ منـه وفـي أَكـمِ
|
يـا بنـت ذي
اللِّبَـدِ المحـميِّ جانِبُـه
|
أَلقـاكِ فـي
الغاب، أَم أَلقاكِ في الأطُمِ؟
|
مـا كـنتُ أَعلـم
حـتى عـنَّ مسـكنُه
|
أَن المُنــى
والمنايـا مضـرِبُ الخِـيمِ
|
مَـنْ أَنبتَ
الغصنَ مِنْ صَمصامةٍ ذكرٍ؟
|
وأَخـرج الـريمَ
مِـن ضِرغامـة قرِمِ؟
|
بينـي وبينـكِ مـن
سُـمْرِ القَنا حُجُب
|
ومثلُهــا
عِفَّــةٌ عُذرِيــةُ العِصَـمِ
|
لـم أَغش مغنـاكِ
إِلا في غضونِ كَرًى
|
مَغنــاك أَبعــدُ
للمشـتاقِ مـن إِرَمِ
|
يـا نفسُ، دنيـاكِ
تُخْـفي كـلَّ مُبكيـةٍ
|
وإِن بــدا لـكِ
منهـا حُسـنُ مُبتسَـمِ
|
فُضِّـي بتقـواكِ
فاهًـا كلمـا ضَحكتْ
|
كمــا يُفـضُّ
أَذَى الرقشـاءِ بـالثَّرَمِ
|
مخطوبـةٌ - منـذُ
كان الناسُ - خاطبَةٌ
|
مـن أَولِ الدهـر
لـم تُـرْمِل، ولم تَئمِ
|
يَفنـى الزّمـانُ،
ويبقـى مـن إِساءَتِها
|
جــرْحٌ بـآدم
يَبكـي منـه فـي الأَدمِ
|
لا تحــفلي بجناه،
أَو جنايتهــا
|
المـوتُ
بـالزَّهْر مثـلُ المـوت بالفَحَمِ
|
كـم نـائمٍ لا
يَراه، وهـي سـاهرةٌ
|
لــولا
الأَمـانيُّ والأَحـلامُ لـم ينـمِ
|
طــورًا تمـدّك
فـي نُعْمـى وعافيـةٍ
|
وتـارةً فـي
قـرَار البـؤس والـوَصَمِ
|
كـم ضلَّلتـكَ،
وَمَـن تُحْجَـبْ بصيرتُه
|
إِن يلـقَ صابـا
يَـرِد، أَو عَلْقمـا يَسُمِ
|
يــا ويلتـاهُ
لنفسـي! راعَهـا ودَهـا
|
مُسْـوَدَّةُ
الصُّحْـفِ فـي مُبْيَضَّـةِ اللّمَمِ
|
ركَضْتهـا فـي
مَـرِيع المعصياتِ، وما
|
أَخـذتُ مـن
حِمْيَـةِ الطاعـات للتُّخَـمِ
|
هــامت عـلى
أَثَـرِ اللَّـذاتِ تطلبُهـا
|
والنفسُ إِن
يَدْعُهـا داعـي الصِّبـا تَهمِ
|
صــلاحُ أَمـرِك
للأَخـلاقِ مرجِعُـه
|
فقـــوِّم النفسَ
بــالأَخلاقِ تســتقمِ
|
والنفسُ مـن
خيرِهـا فـي خـيرِ عافيةٍ
|
والنفسُ مـن شـرها
فـي مَـرْتَعٍ وَخِمِ
|
تطغـى إِذا
مُكِّـنَتْ مـن لـذَّةٍ وهـوًى
|
طَغْـيَ الجيـادِ
إِذا عَضَّـت على الشُّكُمِ
|
إِنْ جَـلَّ
ذَنبـي عـن الغُفـران لي أَملٌ
|
فـي اللـهِ
يجـعلني فـي خـيرِ مُعتصَمِ
|
أُلقـي رجـائي
إِذا عـزَّ المُجـيرُ على
|
مُفـرِّج الكـرب
فـي الـدارينِ والغمَمِ
|
إِذا خــفضتُ
جَنــاحَ الـذُّلِّ أَسـأَله
|
عِـزَّ الشفاعةِ; لـم أَسـأَل سـوى أَمَمِ |
وإِن تقـــدّم ذو
تقــوى بصالحــةٍ
|
قــدّمتُ بيــن
يديـه عَـبْرَةَ النـدَمِ
|
لـزِمتُ بـابَ
أَمـير الأَنبيـاءِ، ومَـنْ
|
يُمْسِـكْ بمِفتــاح بـاب اللـه يغتنِـمِ |
فكــلُّ فضـلٍ،
وإِحسـانٍ، وعارفـةٍ
|
مــا بيــن
مســتلمٍ منـه ومُلـتزمِ
|
علقـتُ مـن مدحـهِ
حـبلاً أعـزُّ بـه
|
فـي يـوم لا
عِـزَّ بالأَنسـابِ واللُّحَـمِ
|
يُـزرِي قَـرِيضِي
زُهَـيْرًا حين أَمدحُه
|
ولا يقـاسُ إِلـى
جـودي لـدَى هَـرِمِ
|
محــمدٌ صفـوةُ
البـاري، ورحمتُـه
|
وبغيَـةُ اللـه
مـن خَـلْقٍ ومـن نَسَـمِ
|
وصـاحبُ الحـوض
يـومَ الرُّسْلُ سائلةٌ
|
متـى الـورودُ؟
وجـبريلُ الأَمين ظَمي
|
ســناؤه وســناهُ
الشــمسُ طالعـةً
|
فـالجِرمُ فـي
فلـكٍ، والضوءُ في عَلَمِ
|
قـد أَخطـأَ
النجـمَ مـا نـالت أُبوَّتُـه
|
مـن سـؤددٍ بـاذخ
فـي مظهَـرٍ سَنِم
|
نُمُـوا إِليـه،
فـزادوا في الورَى شرَفًا
|
ورُبَّ أَصـلٍ
لفـرع فـي الفخـارِ نُمي
|
حَــوَاه فـي
سُـبُحاتِ الطُّهـرِ قبلهـم
|
نـوران قامـا
مقـام الصُّلـبِ والرَّحِم
|
لمــا رآه
بَحــيرا قــال: نعرِفُــه
|
بمـا حفظنـا مـن
الأَسـماءِ والسِّـيمِ
|
سـائلْ حِراءَ،
وروحَ القدس: هل عَلما
|
مَصـونَ سِـرٍّ
عـن الإِدراكِ مُنْكَـتِمِ؟
|
كــم جيئـةٍ
وذهـابٍ شُـرِّفتْ بهمـا
|
بَطحـاءُ مكـة فـي
الإِصبـاح والغَسَمِ
|
ووحشةٍ لابــنِ عبـد اللـه بينهمـا | أَشـهى من الأُنس بالأَحبـاب والحشَمِ |
يُسـامِر الوحـيَ
فيهـا قبـل مهبِطـه
|
ومَـن يبشِّـرْ بسِـيمَى الخـير يَتَّسِـمِ |
لمـا دعـا
الصَّحْـبُ يستسقونَ من ظمإٍ
|
فاضتْ يـداه مـن التسـنيم بالسَّـنِمِ |
وظلَّلَتــه،
فصــارت تسـتظلُّ بـه
|
غمامــةٌ
جذَبَتْهــا خِــيرةُ الــديَمِ
|
محبــةٌ لرســولِ
اللــهِ أُشــرِبَها
|
قعـائدُ
الدَّيْـرِ، والرُّهبـانُ فـي القِمـمِ
|
إِنّ الشــمائلَ
إِن رَقَّــتْ يكـاد بهـا
|
يُغْـرَى
الجَمـادُ، ويُغْـرَى كلُّ ذي نَسَمِ
|
ونـودِيَ: اقـرأْ.
تعـالى اللـهُ قائلُهـا
|
لـم تتصـلْ قبـل
مَـن قيلـتْ له بفمِ
|
هنــاك أَذَّنَ
للرحــمنِ، فــامتلأَت
|
أَســماعُ
مكَّــةَ مِـن قُدسـيّة النَّغـمِ
|
فـلا تسـلْ عـن
قريش كيف حَيْرتُه؟
|
وكـيف نُفْرتُهـا
فـي السـهل والعَلمِ؟
|
تسـاءَلوا عـن
عظيـمٍ قـد أَلـمَّ بهـم
|
رمَــى المشــايخَ
والولـدانَ بـاللَّممِ
|
يـا جـاهلين عـلى
الهـادي ودعوتِـه
|
هـل تجـهلون
مكـانَ الصـادِقِ العَلمِ؟
|
لقَّبتمــوهُ
أَميـنَ القـومِ فـي صِغـرٍ
|
ومــا الأَميــنُ
عـلى قـوْلٍ بمتّهَـمِ
|
فـاق البـدورَ،
وفـاق الأَنبيـاءَ، فكـمْ
|
بـالخُلْق
والخَـلق مِـن حسْنٍ ومِن عِظمِ
|
جـاءَ النبيـون
بالآيـاتِ، فـانصرمت
|
وجئتنــا بحــكيمٍ
غــيرِ مُنصَـرمِ
|
آياتُــه كلّمــا
طـالَ المـدَى جُـدُدٌ
|
يَــزِينُهنّ
جــلالُ العِتــق والقِـدمِ
|
يكــاد فــي
لفظــةٍ منـه مشـرَّفةٍ
|
يـوصِيك بـالحق،
والتقـوى، وبالرحمِ
|
يـا أَفصـحَ
النـاطقين الضـادَ قاطبـةً
|
حديثُك الشّـهدُ عنـد الـذائقِ الفهِـمِ |
حَـلَّيتَ مـن
عَطَـلٍ جِـيدَ البيـانِ به
|
فـي كـلِّ
مُنتَـثِر فـي حسـن مُنتظِمِ
|
بكــلِّ قــولٍ
كـريمٍ أَنـت قائلُـه
|
تُحْـيي القلـوبَ،
وتُحْـيي ميِّـتَ الهِممِ
|
سَــرَتْ
بشــائِرُ بالهـادي ومولِـده
|
في الشرق والغرب مَسْرى النورفي الظلمِ |
تخـطَّفتْ مُهَـجَ
الطـاغين مـن عربٍ
|
وطــيَّرت أَنفُسَ
البـاغين مـن عجـمِ
|
رِيعـت لهـا
شُرَفُ الإِيوان، فانصدعت
|
مـن صدمـة الحق،
لا من صدمة القُدمِ
|
أَتيـتَ والنـاسُ
فَـوْضَى لا تمـرُّ بهم
|
إِلاّ عـلى صَنـم،
قـد هـام فـي صنمِ
|
والأَرض
مملــوءَةٌ جـورً، مُسَـخَّرَةٌ
|
لكــلّ طاغيـةٍ
فـي الخَـلْق مُحـتكِمِ
|
مُسَـيْطِرُ
الفـرْسِ يبغـى فـي رعيّتـهِ
|
وقيصـرُ الـروم
مـن كِـبْرٍ أَصمُّ عَمِ
|
يُعذِّبــان
عبــادَ اللــهِ فـي شُـبهٍ
|
ويذبَحــان كمــا
ضحَّــيتَ بـالغَنَمِ
|
والخــلقُ
يَفْتِــك أَقـواهم بـأَضعفِهم
|
كــاللَّيث
بـالبَهْم، أَو كـالحوتِ بـالبَلَمِ
|
أَســرَى بـك
اللـهُ ليـل، إِذ ملائكُـه
|
والرُّسْـلُ في
المسجد الأَقصى على قدَمِ
|
لمــا خـطرتَ بـه
التفُّـوا بسـيدِهم
|
كالشُّـهْبِ
بـالبدرِ، أَو كـالجُند بـالعَلمِ
|
صـلى وراءَك منهـم
كـلُّ ذي خـطرٍ
|
ومن يفُــز بحــبيبِ اللـه يـأْتممِ |
جُـبْتَ السـمواتِ
أَو مـا فـوقهن بهم
|
عـــلى منــوّرةٍ
دُرِّيَّــةِ اللُّجُــمِ
|
رَكوبـة لـك مـن
عـزٍّ ومـن شرفٍ
|
لا فـي الجيـادِ،
ولا فـي الأَيْنُق الرسُمِ
|
مَشِــيئةُ
الخـالق البـاري، وصَنعتُـه
|
وقدرةُ اللــه فـوق الشـك والتُّهَـمِ |
حــتى بلغـتَ سـماءً لا
يُطـارُ لهـا
|
عـلى جَنـاحٍ، ولا
يُسْـعَى عـلى قَـدمِ
|
وقيــل: كــلُّ نبــيٍّ
عنـد رتبتِـه
|
ويــا محـمدُ، هـذا
العـرشُ فاسـتلمِ
|
خــطَطت للـدين والدنيـا
علومَهمـا
|
يـا قـارئَ اللـوح، بـل
يا لامِسَ القَلمِ
|
أَحــطْتَ بينهمـا
بالسـرِّ، وانكشـفتْ
|
لـك الخـزائنُ مـن
عِلْـم، ومـن حِكمِ
|
وضـاعَفَ القُـربُ
مـاقُلِّدْتَ مـن مِنَنٍ
|
بـلا عِـدادٍ، ومـا
طُـوِّقتَ مـن نِعـمِ
|
سـلْ عصبـةَ الشِّركِ
حولَ الغارٍ سائمةً
|
لــولا مطـاردةُ
المختـار لـم تُسـمِ
|
هـل أبصروا الأَثر
الوضَّاءَ، أَم سمِعوا
|
همْسَ التسـابيحِ
والقـرآن مـن أَمَـمِ؟
|
وهــل تمثّـل نسـجُ
العنكبـوتِ لهـم
|
كالغـابِ، والحائمـاتُ
الزُّغْبُ كالرخمِ؟
|
فــأَدبرو، ووجــوهُ
الأَرضِ تلعنُهـم
|
كبــاطلٍ مـن جـلالِ
الحـق منهـزِمِ
|
لـولا يـدُ اللـهِ
بالجـارَيْنِ مـا سـلِما
|
وعينُـه حـولَ ركـنِ
الـدين; لـم يقمِ
|
توارَيــا بجَنــاح
اللــهِ، واسـتترَا
|
ومــن يضُـمُّ جنـاحُ
اللـه لا يُضَـمِ
|
يـا أَحـمدَ الخـيْرِ،
لـي جـاهٌ بتسْمِيَتي
|
وكـيف لا يتسـامى
بالرسـولِ سمِي؟
|
المــادحون وأَربــابُ
الهـوى تَبَـعٌ
|
لصـاحبِ الـبُرْدةِ
الفيحـاءِ ذي القَـدَمِ
|
مديحُـه فيـك حـبٌّ
خـالصٌ وهـوًى
|
وصـادقُ الحـبِّ يُمـلي
صـادقَ الكلمِ
|
اللــه يشــهدُ أَنــي
لا أُعارضُــه
|
مـن ذا يعارضُ صوبَ
العارضِ العَرِمِ؟
|
وإِنَّمـا أَنـا بعـض
الغـابطين، ومَـن
|
يغبِــطْ وليَّــك لا
يُــذمَمْ، ولا يُلَـمِ
|
هــذا مقــامٌ مـن
الرحـمنِ مُقتَبسٌ
|
تَــرمي مَهابتُــه
سَــحْبانَ بـالبَكمِ
|
البـدرُ دونـكَ فـي
حُسـنٍ وفي شَرفٍ
|
والبحـرُ دونـك فـي
خـيرٍ وفي كرمِ
|
شُـمُّ الجبـالِ إِذا
طاولتَهـا انخـفضت
|
والأَنجُـمُ الزُّهـرُ
مـا واسـمتَها تسِـمِ
|
والليــثُ دونـك بأْسًـا
عنـد وثبتِـه
|
إِذا مشـيتَ إِلـى شـاكي
السـلاح كَمِي
|
تهفــو إِليـكَ - وإِن
أَدميـتَ حبَّتَهـا
|
فـي الحـربِ - أَفئـدةُ
الأَبطالِ والبُهَمِ
|
محبـــةُ اللــهِ
أَلقاه، وهيبتُــه
|
عـلى ابـن آمنـةٍ فـي
كـلِّ مُصطَدَمِ
|
كـأَن وجـهَك تحـت
النَّقْـع بدرُ دُجًى
|
يضــيءُ مُلْتَثِمً، أَو
غـيرَ مُلتثِـمِ
|
بــدرٌ تطلَّــعَ فــي
بـدرٍ، فغُرَّتُـه
|
كغُـرَّةِ النصـر، تجـلو
داجـيَ الظلَـمِ
|
ذُكِـرْت بـاليُتْم فـي
القـرآن تكرمـةً
|
وقيمةُ اللؤلـؤ
المكنـونِ فـي اليُتـمِ
|
اللــهُ قسّــمَ بيــن
النـاسِ رزقَهُـمُ
|
وأَنـت خُـيِّرْتَ فـي
الأَرزاق والقِسـمِ
|
إِن قلتَ في الأَمرِ:"لا"أَو قلتَ فيه: "نعم"
|
فخيرَةُ اللهِ في
"لا" منـك أَو "نعمِ"
|
أَخـوك عيسـى دَعَـا
ميْتً، فقـام لهُ
|
وأَنــت أَحـييتَ
أَجيـالاً مِـن الـرِّممِ
|
والجـهْل مـوتٌ، فـإِن
أُوتيـتَ مُعْجِزةً
|
فـابعثْ من الجهل، أَو
فابعثْ من الرَّجَمِ
|
قـالوا: غَـزَوْتَ،
ورسْـلُ اللهِ ما بُعثوا
|
لقتْــل نفس، ولا
جـاءُوا لسـفكِ دمِ
|
جـهلٌ، وتضليـلُ
أَحـلامٍ، وسفسـطةٌ
|
فتحـتَ بالسـيفِ بعـد
الفتـح بـالقلمِ
|
لمـا أَتـى لـكَ عفـوًا
كـلُّ ذي حَسَبٍ
|
تكفَّــلَ الســيفُ
بالجهـالِ والعَمَـمِ
|
والشـرُّ إِن تَلْقَـهُ
بـالخيرِ ضِقـتَ بـه
|
ذَرْعً، وإِن تَلْقَــهُ
بالشـرِّ يَنحسِـمِ
|
سَـل المسـيحيّةَ
الغـراءَ: كـم شرِبت
|
بالصّـاب مـن شَـهوات
الظـالم الغَلِمِ
|
طريـدةُ الشـركِ، يؤذيه،
ويوسـعُها
|
فـي كـلِّ حـينٍ قتـالاً
سـاطعَ الحَدَمِ
|
لــولا حُمـاةٌ لهـا
هبُّـوا لنصرَتِهـا
|
بالسـيف; مـا انتفعـتْ
بالرفق والرُّحَمِ
|
لــولا مكـانٌ لعيسـى
عنـد مُرسِـلهِ
|
وحُرمَـةٌ وجـبتْ للـروح
فـي القِـدَمِ
|
لَسُـمِّرَ البـدَنُ
الطُّهـرُ الشـريفُ على
|
لَوْحَـيْن، لـم يخـشَ
مؤذيـه، ولم يَجمِِ
|
جـلَّ المسـيحُ، وذاقَ
الصَّلـبَ شـانِئهُ
|
إِن العقــابَ بقـدرِ
الـذنبِ والجُـرُمِ
|
أَخُـو النبـي، وروحُ
اللـهِ فـي نُـزُل
|
فُـوقَ السـماءِ ودون
العـرشِ مُحترَمِ
|
علَّمْتَهــم كـلَّ
شـيءٍ يجـهلون بـه
|
حـتى القتـالَ ومـا فيـه
مـن الـذِّمَمِ
|
دعــوتَهم لِجِهَــادٍ
فيــه سـؤددُهُمْ
|
والحـربُ أُسُّ نظـامِ
الكـونِ والأُمـمِ
|
لـولاه لـم نـر
للـدولاتِ فـي زمـن
|
مـا طـالَ مـن عمـد، أَو
قَرَّ من دُهُمِ
|
تلــك الشــواهِدُ
تَـتْرَى كـلَّ آونـةٍ
|
في الأَعصُر الغُرِّ، لا
في الأَعصُر الدُّهُمِ
|
بـالأَمس مـالت عروشٌ،
واعتلت سُرُرٌ
|
لـولا القـذائفُ لـم
تثْلَـمْ، ولـم تصمِ
|
أَشـياعُ عيسـى
أَعَـدُّوا كـلَّ قاصمـةٍ
|
ولــم نُعِـدّ سِـوى
حـالاتِ مُنقصِـمِ
|
مهمـا دُعِيـتَ إِلـى
الهيْجَـاءِ قُمْتَ لها
|
تـرمي بأُسْـدٍ، ويـرمي
اللـهُ بـالرُّجُمِ
|
عــلى لِــوَائِكَ منهـم
كـلُّ مُنتقِـمٍ
|
لله، مُســتقتِلٍ فـي
اللـهِ، مُعـتزِمِ
|
مُســبِّح للقــاءِ
اللــهِ، مُضطـرِمٍ
|
شـوق، عـلى سـابحٍ
كالبرْقِ مضطرِمِ
|
لـو صـادفَ الدَّهـرَ
يَبغِي نقلةً، فرمى
|
بعزمِـهِ فـي رحـالِ
الدهـرِ لـم يَرِمِ
|
بيـضٌ، مَفـاليلُ مـن
فعلِ الحروبِ بهم
|
من أَسْـيُفِ اللـهِ،
لا الهندِيـة الخُـذُمِ
|
كـم فـي الـترابِ إِذا
فتَّشت عن رجلٍ
|
من مـاتَ بـالعهدِ، أَو
من مات بالقسَمِ
|
لـولا مـواهبُ فـي بعـضِ
الأَنام لما
|
تفـاوت النـاسُ فـي
الأَقـدار والقِيَـمِ
|
شــريعةٌ لـك فجـرت
العقـولَ بهـا
|
عـن زاخِـرٍ بصنـوفِ
العلـم ملتطِـمِ
|
يلـوحُ حـولَ سـنا
التوحـيدِ جوهرُها
|
كــالحلْي للسـيف أَو
كالوشْـي للعَلـمِ
|
غـرّاءُ، حـامت عليهـا
أَنفسٌ، ونُهًـى
|
ومـن يَجـدْ سَلسَـلاً
مـن حكمـةٍ يَحُمِ
|
نـورُ السـبيل يسـاس
العـالَمون بهـا
|
تكــفَّلتْ بشــباب
الدهــرِ والهَـرَمِ
|
يجـري الزمّـانُ
وأَحكـامُ الزمانِ على
|
حُـكم له، نـافِذٍ فـي
الخلق، مُرْتَسِمِ
|
لـمَّـا اعْتلَـت دولـةُ
الإِسلامِ واتسَعت
|
مشــتْ ممالِكُـهُ فـي
نورِهـا التَّمـمِ
|
وعلَّمــتْ أُمــةً
بــالقفر نازلــةً
|
رعْـيَ القيـاصرِ بعـد
الشَّـاءِ والنَّعَمِ
|
كـم شَـيَّد المصلِحُـون
العـاملون بها
|
فـي الشـرق والغرب
مُلكًا باذِخَ العِظَمِ
|
للعِلـم، والعـدلِ،
والتمـدينِ ما عزموا
|
مـن الأُمـور، ومـا
شـدُّوا من الحُزُمِ
|
ســرعان مـا فتحـوا
الدنيـا لِملَّتِهـم
|
وأَنهلوا الناسَ مـن
سَلسـالها الشَّـبِمِ
|
سـاروا عليهـا هُـداةَ
الناس، فَهْي بهم
|
إِلـى الفـلاحِ طـريقٌ
واضـحُ العَظَـمِ
|
لا يهـدِمُ الدَّهـرُ
رُكنًـا شـاد عـدلُهُمُ
|
وحــائط البغــي إِن
تلمسْـهُ ينهـدِمِ
|
نـالوا السـعادةَ فـي
الدَّارين، واجتمعوا
|
عـلى عميـم مـن الرضـوان
مقتسـمِ
|
دعْ عنـك روم، وآثِين،
ومـا حَوَتا
|
كــلُّ اليـواقيت فـي
بغـدادَ والتُّـوَمِ
|
وخــلِّ كِسـرى،
وإِيوانًـا يـدِلُّ بـه
|
هــوى عـلى أَثَـرِ
النـيران والأيُـمِ
|
واتْـرُكْ رعمسـيسَ، إِن
الملـكَ مَظهرهُ
|
فـي نهضـة العدل، لا في
نهضة الهرَمِ
|
دارُ الشــرائع رومـا
كلّمـا ذُكـرَتْ
|
دارُ الســلام لهـا
أَلقـتْ يـدَ السَّـلَمِ
|
مــا ضارَعَتهـا بيانًـا
عنـد مُلْتَـأَم
|
ولا حَكَتهــا قضـاءً
عنـد مُخـتصَمِ
|
ولا احـتوت فـي طِـرازٍ
مِن قياصِرها
|
عــلى رشـيدٍ،
ومـأْمونٍ، ومُعتصِـمِ
|
مــن الــذين إِذا
ســارت كتـائبُهم
|
تصرّفــوا بحــدود
الأَرض والتخُـمِ
|
ويجلســونَ إِلــى
علــمٍ ومَعرفـةٍ
|
فــلا يُدانَـوْن فـي
عقـل ولا فَهَـمِ
|
يُطــأْطئُ العلمـاءُ
الهـامَ إِن نَبَسُـوا
|
مـن هيبـةِ العلْـم، لا
مـن هيبة الحُكُمِ
|
ويُمطِـرون، فمـا
بـالأَرضِ من مَحَلٍ
|
ولا بمـن بـات فـوق
الأَرضِ من عُدُمِ
|
خــلائفُ اللـه جـلُّوا
عـن موازنـةٍ
|
فــلا تقيسـنّ أَمـلاكَ
الـورى بهـمِ
|
مَـنْ فـي البريـة
كالفـاروق مَعْدَلَةً؟
|
وكـابن عبـد العزيـز
الخاشعِ الحشمِ؟
|
وكالإِمــام إِذا مــا
فَـضَّ مزدحمًـا
|
بمــدمع فـي مـآقي
القـوم مزدحـمِ
|
الزاخـر العـذْب فـي
علْـم وفي أَدبٍ
|
والنـاصر النَّـدْب في
حرب وفي سلمِ؟
|
أَو كـابن عفّـانَ
والقـرآنُ فـي يـدِهِ
|
يحـنو عليـه كمـا تحـنو
عـلى الفُطُمِ
|
ويجـــمع الآي ترتيبًــا
وينظمُهــا
|
عقـدًا بجـيد الليـالي
غـير منفصِـمِ؟
|
جُرحـان فـي كبـدِ
الإِسـلام ما التأَما
|
جُـرْحُ الشـهيد، وجـرحٌ
بالكتاب دمي
|
ومــا بــلاءُ أَبــي بكـر
بمتَّهـم
|
بعـد الجـلائل فـي الأَفعـال
والخِـدمِ
|
بـالحزم والعـزم حـاطَ
الدين في محنٍ
|
أَضلَّــت الحـلم مـن كهـلٍ
ومحـتلمِ
|
وحِـدْنَ بالراشـد الفـاروق
عـن رشدٍ
|
فـي المـوت، وهـو يقيـنٌ
غير منبَهمِ
|
يجــادِلُ القــومَ
مُسْــتَلاًّ مهنَّــدَه
|
فـي أَعظـم الرسْلِ قدرً،
كيف لم يدمِ؟
|
لا تعذلــوه إِذا طــاف
الذهـولُ بـه
|
مـات الحـبيبُ، فضلَّ
الصَّبُّ عن رَغَمِ
|
يـا ربِّ صَـلِّ وسـلِّم
مـا أَردتَ على
|
نـزيل عرشِـك خـيرِ
الرسْـل كـلِّهمِ
|
مُحــيي الليـالي
صـلاةً، لا يقطِّعُهـا
|
إِلاَّ بــدمع مــن
الإِشـفاق مُنسـجمِ
|
مســبِّحًا لـك جُـنْحَ
الليـل، محـتملاً
|
ضُـرًّا مـن السُّهد،
أَو ضُرًّا من الورَمِ
|
رضيَّــة نفسُــه، لا
تشـتكي سـأمًا
|
ومـا مـع الحـبِّ إِن
أَخلصت مِن سَأَمِ
|
وصــلِّ ربِّـي عـلى آلٍ
لـهُ نُخَـبٍ
|
جـعلتَ فيهـم لـواءَ
البيـتِ والحـرمِ
|
بيـضُ الوجـوه، ووجهُ
الدهر ذو حَلَكٍ
|
شُـمُّ الأُنـوف،
وأَنـفُ الحادثات حمي
|
وأَهــد خـيرَ صـلاةٍ
منـك أَربعـةً
|
فـي الصحـب، صُحبتُهم
مَرْعيَّةُ الحُرَمِ
|
الــراكبين إِذا نــادى
النبــيُّ بهـم
|
مـا هـال مـن جَـلَلٍ،
واشتد من عَمَمِ
|
الصــابرين ونفسُ الأَرض
واجفــةٌ
|
الضــاحكين إِلـى
الأَخطـار والقُحَـمِ
|
يـا ربِّ، هبـتْ شـعوبٌ
مـن منيّتهـا
|
واســتيقظت أُمَـمٌ مـن
رقْـدة العـدمِ
|
سـعدٌ، ونحـسٌ، ومُلـكٌ
أَنـت مالِكـه
|
تُــديلُ مِـنْ نِعَـم
فيـه، ومِـنْ نِقَـمِ
|
رأَى قضــاؤك فينــا
رأْيَ حكمتِـه
|
أَكـرِمْ بوجـهك مـن
قـاضٍ ومنتقـمِ
|
فـالطُفْ لأَجـلِ رسـولِ
العـالمين بنا
|
ولا تزدْ قومَــه
خسـفً، ولا تُسـمِ
|
يـا ربِّ، أَحسـنت
بَـدءَ المسـلمين به
|
فتمِّـم الفضـلَ،
وامنـحْ حُسـنَ مُخْتَتَمِ
|
No comments:
Post a Comment